جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح لمعة الاعتقاد
200994 مشاهدة
الصفات الذاتية

فمن ذلك قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وقوله: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وقوله تعالى: إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وقوله تعالى: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ .
وقوله تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وقوله: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ونحو ذلك من الآيات فإن فيها إثبات الوجه لله تعالى أخبر الله تعالى بأن له وجه الوجه: صفة ذاتية موصوف بها الرب تعالى فهي من صفات ذاته وقد أنكرها المعتزلة, والأشاعرة, ونحوهم، وادعوا أن وجه الله عبارة عن الذات وجهه يعني ذاته ويرد عليهم بالآيات الصريحة الكثيرة التي صرحت بإثبات الوجه؛ فإنها واضحة.
ثم بالأحاديث النبوية مثل قوله صلى الله عليه وسلم: وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن رداء الكبرياء على وجهه يعني أنه احتجب برداء الكبرياء على وجهه وثبت أيضا في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في صفات ربه تعالى: حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه سبحات وجهه: يعني نور وجهه، وغير ذلك من الأحاديث فيثبت أهل السنة صفة الوجه.
وفي الدعاء المشهور الذي في السنن وغيرها يقول: وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك لما أن بعض أهل السنة دعا بهذا الدعاء سمعه بعض المعتزلة فقال: هب أن له وجها كيف يمكنك النظر إليه؟ وهذا دليل على انتكاس فطرهم؛ أنكروا النظر, وأنكروا الوجه, فهذا صفة ذات صريحة يسأل المؤمن ربه لذة النظر إلى وجهه؛ يعني: في الجنة, وفي أحاديث النظر إلى وجه الله تعالى أنه يكشف وجهه فلا يلتفتون إلى شيء ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم تعالى.